عيناكِ. بقلم سارة علي
لماذا شعر بالقلق يغزو كيانه وهو يتخيل أنها رحلت فجأة دون أن تخبره اتجه مسرعا نحو غرفة النوم خاصتها ليجدها خالية أيضا ابتلع ريقه بتوتر وهو يفكر في سبب إختفائها هل يعقل أنها ذهبت الى عائلتها مرة أخرى..! ألم يحذرها من الذهاب إليهم.. نهر نفسه لأنه لم يأخذ رقم هاتفها ثم ما لبث أن قرر إنتظارها في الشقة علها تعود بعد قليل وإن لم تعد سيضطر أن يبحث عنها..جلس على الكنبة بتعب ورغما عنه أخذ يفكر بها وسبب غيابها زفر أنفاسه بقوة ونهض من مكانه متحركا ذهابا وإيابا داخل الصالة حينما فتح الباب فجأة وولجت هي الى الداخل...ركض نحوها بلهفة وسألها بسرعة ونبرة خرجت منه حادة..كنتي فين..!
..انت ايه..!
صړخ بها لتنكمش على نفسها وتترقرق الدموع داخل عينيها ليشعر بخطأه الجسيم فأخذ نفسا عميقا ثم قال بلهجة هادئة بطيئة..انا اسف بس انت ازاي تخرجي من غير متقوليلي..
..انا اسفة..
قالتها أخيرا بنبرة باكية قبل أن تكمل وسط شهقاتها..انا كان لازم أقولك اني خارجة بس انت نسيت تديني رقم تليفونك..
سألها بجدية لتجيبه بتوتر ظهر جليا عليها..كنت بدور على شغل.
التمعن عيناه ڠضبا لا إراديا حينما سمع سبب خروجها لكنه قرر تهدئة نفسه فأخذ نفسا قويا عدة مرات قبل أن يسألها بهدوء
مخيف..بتدوري على شغل ليه..
..امال هعيش ازاي.
قالتها بعفوية ليرد بنبرة قوية مجهدة..وانا هنا بعمل ايه كيس جوافة مش أنا جوزك اللي لازم يصرف عليكي.
..اهدي.
صړخ بها لتتوقف عما تقوله وتنكمش على نفسها من جديد أما هو فإبتعد عنها واتجه الى الشرفة ليتنفس القليل من الهواء..ظلت تالا منكمشة على نفسها داخل الصالة ترتجف خوفا منه ومن عصبيته لقد أخرجت غضبه الكامن بسهولة هنيئا لها حقا..دلف أمير الى الصالة مره أخرى ليجدها بهذه الوضعية المٹيرة للشفقة تنهد بۏجع لا يعلم سببه واقترب منها قائلا بلهجة حنون..تالا اهدي من فضلك ومټخافيش.
قالتها والدموع اللاذعة بدأت تهبط من مقلتيها ليشعر أمير بإنقباضة قوية داخل قلبه ما إن رأى دموعها..لم يفهم بعد سبب تأثره الغريب بها وببكائها وخۏفها لكنه وجد نفسه يهدئها..خلاص اهدي متعيطيش.
ثم جذبها من كف يدها وأجلسها على الكرسي قبل أن يتجه نحو المطبخ ليحضر لها كوبا من الماء..أعطاها كوب الماء لتأخذه منه وتتناوله على دفعه واحدة بشكل طفولي جعله يبتسم لا إراديا فكانت تبدو عطشة للغاية..انتهت من تناول كوب الماء لتعطيه إياه فأخذه منها وأعاده الى المطبخ..عاد وجلس أمامها متسائلا بقلق..بقيتي احسن دلوقتي.
أومأت برأسها وقالت بفرحة عفوية..لقيت شغل كويس اووي...
..فين..
سألها بغموض لترد بسرعة..فإوتيل فخم..
..وهتشتغلي ايه هناك..
..عاملة نظافة..
رفع بصره الى الأعلى بنفاذ صبر بينما أخفضت هي رأسها خجلا..
عاد ونظر إليها وسألها..انت معاك شهادة ايه..
..شهادة اعدادية..
..دراستي
قالتها تالا بذهول قبل أن تسأله بحيرة..دراسة ايه..
..انت مش عايزة تكملي دراستك..
وضعت خصلة من شعرها خلف أذنها وقالت..أكيد نفسي أكملها..
..طب حلو أنا هساعدك إنك تكملي دراستك.
..ازاي..
سألته بحيرة حقيقية ليهتف بجدية موضحا لها..هقدملك فالمدرسة انت عندك كام سنه.
..19 سنة.
..طب حلو اووي ولما سبتي المدرسة كنت فسنة كام..
..كنت فإولى ثانوي.
..طب يبنيها ليه..
أجابته بتردد..مرات عمي هي اللي خلتني أسيبها عشان أشتغل وأجيب ليها فلوس.
..قولتيلي مرات عمك..
أومأت برأسها ليصمتت للحظات قبل أن يقول بحسم..انا بكره هروح أقدملك فالمدرسة بس أجيب أوراقك الأول من مدرستك الأصلية وأبلغ بيت عمك بجوازي منك..
في مكان أخر مختلف تماما عن هذا المكان وتحديدا في إسبانيا تقف هي أمام النافذة تنظر إليها بشرود تام حينما اقتربت منها صديقتها تسألها..ساكتة ليه...
التفتت نحو صديقتها تجيبها..ابدا بفكر فماما الله يرحمها..
..الله يرحمها بس انت هتتعبي من كتر التفكير..
أدمعت عيناها وقالت پألم..وحشتني اوي مش مصدقة إنها ماټت..
احتضنتها صديقتها وأخذت تربت على كتفها ثم قالت لها بمواساة..ادعيلها بالرحمة هي فمكان أحسن دلوقتي..
أومأت برأسها ثم جلست على السرير لتجلس هي بجانبها..تحدثت بلهجة تائهة..انا معدش ليا حد أبويا وأمي ماتوا وسابوني خلاص وانا بقيت لوحدي..
أزرتها صديقتها بصدق..بس انا جمبك ومش هسيبك..
ابتسمت لها بوهن بينما أكملت صديقتها..انت ناوية على ايه يا ربى..!
نهضت ربى من مكانها وأخذت تسير داخل الغرفة وهي تفكر فيما ستفعله..تحدثت أخيرا قائلة..انا هرجع مصر..
..انت بتقولي ايه يا ربى..!
قالتها صديقتها بعدم تصديق لتومأ ربى برأسها وترد عليها مؤكدة كلامها..ايوه يا نهى انا هرجع مصر معادش فيه سبب لوجودي هنا..
..طب وأنا..!
..انت ممكن ترجعي معايا ونبتدي هناك من اول وجديد...
..ونسيب شغلنا وحياتنا..!
نظرت ربى اليها بتردد ثم قالت..وجودنا فبلدنا احسن وهناك ممكن نلاقي وظيفة جديدة وشغل احسن..
..انت عايزة ترجعي عشانه..!
سألتها نهى بصراحة مطلقة لترتبك ملامح ربى كليا فأشاحت بوجهها بعيدا عنها بينما أكملت نهى بجدية..بصيلي يا ربى عايزة ترجعي عشان أمير مش كده..!
أومأت برأسها دون أن ترد لتقول نهى بعدم تصديق..وانا اللي كنت فاكرة انك نسيتيه..!
..انا عمري مانسيته صعب انسى أمير يا نهى أمير حب حياتي عايزاني أنساه ازاي..!
..والي عمله هو وأهله فيكي..!
..هو معملش حاجة أهله اللي عمله وأنا كنت جبانه وهربت..
صمتت نهى ولم تعرف ماذا يجب أن تقول بينما أكملت ربى بجدية..انا محتاجة أرجع مصر وأشوفه محتاجة أتكلم معاه وحشني اوي يا نهى اوي..
..طب انت تعرفي أخباره...!
سألتها نهى بحيرة لتومأ ربى برأسها وتهتف بجدية..ايوه لسه مرتبطش ده معناه انوا لسه مستنيني ارجع..
..او يمكن لسه ملقاش البنت المناسبة..
..مستحيل أمير بيحبني ولا يمكن يرتبط بغيري...
قالتها ربى بإصرار لتهز نهى رأسها بتفهم بينما أخذت ربى تنظر الى صورته المخزونة داخل هاتفها وهي تفكر بأنها يجب أن تعود إليه في أقرب وقت..
في صباح اليوم التالي..أوقف أمير سيارته أمام منزل عائلة تالا هبط من السيارة متغافلا عن نظرات الجميع وهمهماتهم تقدم نحو المنزل وطرق على الباب لتفتح زوجة عمها الباب له..ما إن رأته حتى قالت بضيق..خير جاي ليه اوعى تقولي عايز ترجعها لينا احنا مصدقنا خلصنا منها..
أطلق أمير تنهيدة صغيرة وهو يرفع عينيه نحو السماء بحركة تدل على نفاذ صبره من هذه
العجوز الشمطاء عاد ببصره نحوها وقال بنبرة جاهد لتخرج طبيعية..انا جاي عشان أبلغكم اني اتجوزت تالا وكمان..
وقبل ان يكمل ما قاله كانت بنت عمها تصرخ بعدم تصديق بعدما اقتربت منهما..اتجوزتها..!
بينما قالت زوجة عمها وهي تحرك فمها يمينا ويسارا..والله وعملتها بنت همسة واتجوزت ابن الذوات..
في نفس اللحظة تقدم حسن ابن عمها نحوهم وهو يتثائب فقد استيقظ لتوه من نومه وقال بصوت ناعس..مين دي اللي اتجوزت..!
ثم اتسعت عيناه ما ان لاحظ وجود أمير والذي قال بدوره..تالا انا تجوزت تالا...
..ازاي وهي مش بنت...!
قالها ابن عمها بعدم تصديق فأخر ما توقعه أن يتزوج هذا الرجل المحترم من ابنة عمه الغير عذراء...
هم أمير بالرد عليه لكنه أكمل بسخرية..ولا انت بتشتغلنا..
..كنت متوقع ده منكم