الثلاثاء 26 نوفمبر 2024

رواية كاملة رائعة

انت في الصفحة 40 من 155 صفحات

موقع أيام نيوز

فجأة على ذلك الذى تنحنح أمامها وهو يشير تجاه باب شقتهم 
_ أنت مش هتدخلي ولا إيه ! ... أنا هاخد الرقم بسرعة من والدتك ..... أو لو معاكي الرقم يبقى أفضل .
نظرت له بحيرة وهى تفكر أين تحتفظ برقم شقيقها ! إنها بالتأكيد بحاجة لجلسه هادئة وإعادة ترتيب الأفكار و الأولويات بعقلها الذى من الواضح أنه أصابه فيروس قضى على معلوماته .
لم تفكر كثيرا وهى تطرق باب شقتهم لتفتح والدتها الباب وتناظرها بدهشة لتلقي بنفسها بين ذراعها غير عابئة بأي شئ سوى إحتياجها لمثل هذا الحضن الدافئ .
كان يراقبها بحسرة وألم يخشى بأن تكون أساءت الإختيار أو تعجلته فكانت هذه هي العاقبة ترى ماذا فعل معها هذا الذى تزوجته !
كيف إستطاع ټمزيق زهور التوليب !
أوليس لأحد أن لا يعشق زهور التوليب ! فكيف إن أذاها ! .. إذا فهو غبى .
بدأ العد للعشرة واحد .. أثنان .. ثلاثة ..... عشرة إلتفت عائدا إلى منزله فهو لا يريد أن يقطع هذه الأحضان الباكية ... إلا أن والدتها أستوقفته قائلا 
_ رايح فين يا معاذ ! .. كده برضوا تمشي منغير ما تاخد اللي عاوزه ومش تسلم على وتقولى وحشانى يا أم سيف !
قالتها بعتاب لائم لمعاذ الذى إلتفت لها ليسلم عليها مبتسما فلطالما أحس بأن هذه المرأة مثل والدته بحنانها وحبها لجميع أطفال الحي .
ابتسم بحب لها وعينيه تطوف بمن وقفت جوارها تخفي وجهها الباكي خلف والدتها لطالما ظلت زهور التوليب هى زهور التوليب بنفس صفاتها وحركاتها ... فقد كانت دائما تهوى التخفي بوالدتها وها هي عادتها لم تتغير .
_ الواد سيف واحشني أوي وحبيت اطمن عليه وقولت أخد رقمه من حضرتك .
ابتسمت بحبور رغم خۏفها مما جاءت عليه إبنتها 
_
حضرتك برضوا ! واضح انك عاوز إعادة برمجة زي ما بتقول زهور .. طب اتفضل جوه وانا هجبهولك .
إعتزر بأدب قائلا 
_ معلش يا أمي ابقى أجي يوم تاني .
أعطته الرقم فإنصرف على الفور فإتجهت إلى غرفة إبنتها التي كانت تفرغ حقيبتها .
وما الإنكسار إلا رداءا أجبرت عليه .
هكذا كانت تمني نفسها وتصبرها وهى تفرغ حقيبها بقوة لتسمع صوت والدتها الهادئ 
_ سيبي الشنطة وتعالي نتكلم سوا .
جلست بجوارها زهور على الأريكة لنجد والدتها تبتسم بشرود حزين .. وكأنها تتذكر أحدهم لم ترد مقاطعة شرودها فتركتها إلا أن والدتها قالت بشوق حزين 
_ تعرفي يا زهرتي أنا من يوم ما شفت أبوكي وأنا مغرمة بيه بشخصيته وشكله وتعامله وسيرته بين الناس وحبه للمساعدة والمشاركة ودوامه على الصلاة بالمسجد كنت شيفاه ملاك بعيد المنى استناه كل يوم فى البلكونة علشان أطمن إنه رجع من شغله .
وهو ولا كان بياخد باله وبصراحة أنا مكنتش عاوزة أبين أي حاجة كل اللي كنت بعمله إنى أدعي ربنا إنه يجمعنا فى الحلال .
فى يوم فقدت الامل أننا نتجمع واتقدملي عريس وقولت خلاص أنا راضية وهنسى وهعيش مع رزقي واتخطبت وكنت على وشك الجواز بس حصلت مشكلة كبيرة بين اللي كان خطيبي وجدك والجوازة باظت قبل يومين من الفرح وطبعا عارفة كلام الناس اللي مش بيرحم وكمان اللي كنت هتجوزه كان راجل شيطاني اوي وطلع كلام بطال وبرغم أن كل الناس عارفة أخلاقي في المنطقة لكن طبعا كان فى نفوس مترقبة .
قعد سنة بعد الموضوع ده لا عريس ولا شغله ولا مشغلة وطبعا كنت زي الحمل على أهلى وبقي همهم إزاي يجوزوني لأي كان .
أراد السميع العليم أن أول حد يخبط الباب هو أبوكي وجدك قال مبدهاش وجوزني ليه خاېف من أنه يهرب .
والدك بعد موضوع خطوبتي أختفى ورجع ظهر بعد سنة لما أتقدملي أنا معرفش حاجة عن الفترة دى معرفش كان فين ولا بيعمل إيه .
شغل أبوكي كان بسيط يادوبك بيكفينا بس كنت مبسوطة جدا معاه وحملت فى سيف بعد كده أنت يا زهرتي .
تعرفي أنا ندمانة لحد اللحظة دي عارفة ليه !
نظرت لها زهور مستفهمة لتكمل والدتها بصوتا مشروخ 
_ لأني التلاتين سنة جواز أنا مقلتش لأبوكى إني بحبه .
إتسعت عينا زهور بذهول لتطالع وجه والدتها الحزين وعينيها التى بدأت تذرف الدموع بأسى .
سئلتها زهور مستفهمة بإستغراب 
_ طب ليه ! ده أنت كان قدامك سنين !!
ردت والدتها فى أسى 
_ فى أوقات يا زهرتي بيبقى الإعتراف بالعواطف صعب وخوف من تقبل الطرف التانى ليها الموضوع معقد والكلمة مش بسيطة .
فى أوقات بيبقى الإعتراف بالعواطف صعب وخوف من تقبل الطرف التانى ليها 
فكرت بتشتت والعبارة تدور بحلقات داخل رأسها .. وعلامات الإستفهام تعلوها بتخبط !
كهف الظلام 
هذا الاسم هواللقب الذى أطلقه على المكان منذ أتاه للمرة الأولى مع مرام .
مكان غريب بمنطقة أغرب ومن الداخل أكثر غرابة وكآبة .
لدى الظلام أسرارنا فيه تتساوى النفس مع ما حولها من أسوداد .
كذلك هى نفسه لا تجد نفسها إلا وسط الظلام .
لا تنضج أفاكره إلا بتربة ملائمة والظلام بالطبع هو تربته والنبيذ هو مائه هى أملاحه المغذية .
هكذا يخرج أفضل ما عنده بعقدة وثيقة أو بمصيدة قوية ليحكم حول فريسته بعنفوان فهد أسود !!
فلنترك اللعب لوقت آخر وليمضي بتخطيطه ولكن لن يخرج الأن بما يحمل فما يحمله من كوارث ستحط فجأة ومتلاحقة حتى تقسم وسط الفريسة بعد ذلك يبتلعها لتنتهي آخر مراحلها بين أنيابه .
وهو لن يكون حسام سعيد فؤاد إن لم يفعل !
المۏت هو سنة الحياة الأولى و الأخيرة .
و المصير دائما للحياة هو المۏت .
ولكن ماذا إن لم تخرج الروح وظلت معذبة بداخل جسد فارق الحياة بقلبه !
فراق الروح للجسد مۏت .. وفراق العقل والقلب للجسد مۏت آخر .
قد لا تكون بنفس الموازنة إلا أنها الحقيقة وهذه هي حقيقة ما يعيشة الأن .
بهذه اللحظة التى يجلس بها على أرض المشفى يستند برأسه إلى الحائط من خلفه .. ينظر پضياع إلى ما حوله .. محاولا التأكد مما هو فيه .
لقد أودى الحاډث بزوجته وخالته او أمه وبزوج خالته أو والده .
أيا كان رأي القدر فيما حدث فهو عاجز .
لقد ذهبت أغنية حياته .. غناه وعشقه وسيواريها الثرى بعد قليل .
أغمض عيناه الحمراء بقوة يحاول استيعاب فكرة أنه عاجز عن القاء النظرة الأخيرة لوجوه من يحب .
كيف يدخل الى ذلك المكان البارد ليخرج له الطبيب چثة والدته والده وزوجته!!
كيف يراهم بعدما أصابهم شحوب المۏت .. وضاعت ملامحهم بين كدمات الحاډث .
كيف يستطيع تحمل تلك القسۏة التى تفوق طاقته .
أنتفض رافعا رأسه حين سمع صوتا قريب يهمس له برفق
_ ربنا يقويك يابنى .. برضوا مش هتدخل تشوفهم 
نظر إلى الممرضة التل وقفت أمامه تناظره بحزن وشفقة .. 
هل طلبت منه أن يراهم للمرة الأخيرة
المرة الأخيرة!!!!
الاخيرة!!!
أحقا لن يراهم ثانية
نهض ببطئ وجسد متهالك ليرتمى بثقله على الحائط من خلفه .. ليقول بوجوم
_ هدخل .
قادته إلى الغرفة المنشودة ليقف أمام بابها صامتا يناظر المۏت المحتم على بعد خطوة واحدة منهم .
رائحة الغرفة كانت تعبق
39  40  41 

انت في الصفحة 40 من 155 صفحات