رواية حصاد المر بقلم ډفنا عمر
يا باشا.. مستنيك ولو أي مساعدة انا في الخدمة يا هندزة!
_ شكرا يا اسطى كتر خيرك!!!
حرك مقبض الباب ليعبر داخل منزل والدته حتى يذهب بها إلي بيته وما أن دخل غرفتها حتي بوغت بما رآى ولم يتوقعه!
هند!!!
هتف بأسمها متعجبا من وجودها بهذا التوقيت! فقد ظنها لن تأتي!
_أيه اللي جابك دلوقت أنا قلت خلاص مش هتيجي وجوزك منعك!.. ثم حادت عيناه قليلا جوارها فلمح حقيبة سفر صغيرة فقطب جبينه هاتفا
ممكن افهم حصل معاكي أيه ياهند وخلاكي تيجي بشنطة هدومك
أجابت بهدوء عجيب وهي تمشط شعر والدتها بعد أن حممتها وابدلت ملابسها بأخرى نظيفة
تحير من جمود وجهها ونظرتها الغريبة ماذا حدث!
فترجم حيرته بسؤال أنتي اتخانقتي مع جوزك ياهند ماكانش عايزك تيجي صح طب جيتي ليه يابنت الناس!!!!
جلست تحت قدمي والدتها ارضا بعد أن صنعت لها ضفيرة جمعت بها خصلات شعرها الفضية القليلة هاتفة بنظرة استجلبت بها ذكريات بعيدة
_فاكر يا أحمد لما أعمامي عرضوا يساعدوا أمي ماديا ويتكفلوا بينا بعد مۏت بابا وهي رفضت تمد ايدها وقالت إن محدش هيكسر عين ولادها بقرش وبقيت تشتغل على مكنة خياطة مع معاش بابا عشان تكفي لوازمنا
وفاكر واحنا صغيرين لما بابا اتوفى وكانت في عز شبابها وفضل يجيلها عرسان أشكال والوان وهي رفضت علشاننا..! وفاكر لما رجلي اتكسرت وانا بلعب على سلم العمارة واتجبست واتمنعت من الحركة أسابيع! كانت ماما بتشيلني تدخلني الحمام وتحميني وتغيرلي وتسرحني وفي نفس الوقت بتعمل شغل البيت وبتراعي باقي اخواتي! وفاكر لما انت جالك حمى شديدة جدا وفضلت ماما أيام وليالي تنام تخاطيف وهي بتعملك كمادات مع العلاج لحد ما خفيت.. حاجات كتير أوي ماما عملتها لينا بس مش هقدر افتكرها كلها وكبرنا ومحدش في الدنيا له فضل علينا بحاجة والناس لدلوقتي بتحلف بصلابتها وعزة نفسها..!
واصلت هند تفتكر أمي ماتستاهلش مننا تضحية مهما كانت كبيرة
ثم نهضت وعانقت والدتها الباكية بصمت من حديثها ابنتها.. وقد بدأ صوت هند بالأنهيار كله يهون فداكي يا أمي.. كله رخيص تحت رجليكي ..
وأخيرا اطلقت العنان لكل مشاعرها المقهورة الحزينة التي تفجرت داخلها .. ولم تعد تقوى على الكتمان!
ضمھا أحمد إليه لتفرغ دموعها على صدره الصلب الذي سيظل حصنها الحامي حتى وإن تزوجت وأصبح لها رجلا يرعاها.. هي شقيقته القريبة لقلبه ويتألم لحزنها الذي يتجلى بأقسى صوره عليها الآن .. يبدو أن الأمر ازداد سوء بينها وبين زوجها.. وهو لن يترك حياتها تفشل وتخسر بيتها واستقرارها..وهذا ما أشعل عزمه أكثر على التكفل وحده برعاية والدته!
رمقته هند بحيرة حل ايه يا أحمد!
أجاب بابتسامة حقيقية وهو يجفف بقايا دموعها
أنا جاي اخد ماما لبيتي ياهند .. هتعيش معايا وأنا اللي هرعاها وانتي كل اما يكون عندك وقت استأذني جوزك وتعالي شوفيها براحتك.. يعني ياستي اترحمتي من المواصلات رايح جاي وانتي بتجري عشان تلحقي دورك معاها..!
حاوطت والدتها بتملك هاتفة مش هيحصل مش هتاخد ماما عندك أنا هفضل معاها مش همشي!
_ مبقاش جوزي خلاص!
انتفض داخله واضيقت حدقتاه مرددا جملتها بذهول مبقاش
جوزك هند حصل أيه فهميني! بطلي ألغاز في كلامك لو كنتم اټخانقتوا بسيطة أنا هوديكي عنده وهو اما يعرف أن ماما هتعيش عندي خلاص هيهدى وهتتحل مشاكلكم!!!!
نظرت له والقت مالديها دون تباطؤ
عصام طلقني يا أحمد!!!
رواية حصاد المر بقلم ډفنا عمر
واقفا أمام باب منزله مترددا وكفه قابضا على مفتاحه.. خائڤا إن عبر ولم يجدها..! هل ستتركه ألن تتحمل حماقاته كما تفعل دوما..! هل ستقابل قرار لم يقصد إصداره بقبول حكم فراقهما دون جدال.. أو عتاب.. أو ڠضب .. أي شيء يوصل لهدنة تقيه شړ بعدها وفراقها عنه..!
لا مفر ياعصام.. يجب أن تعبر لتتبين نتيجة تهورك!
ادار مفتاحه وعبر! هدوء شديد يصبغ أجواء مسكنه! أين صخب أولاده وهم يتنازعون على ألعابهما. أين صوت اصطكاك جلي صحونها وهي تحضر العشاء.. وصوتها الصادح وهي تقول من بعيد حين تشعر بقدومه
أنت جيت ياعصام!
_ ها أنا أتيت يا هند..أين أنتي إذا..!
هكذا أجاب صوت أفكاره!
دارت عيناه بكل زوايا منزله الخالي..ذهب وتفقد أطفاله فوجدهما بغفوتهما غارقين.. أحكم عليهما الغطاء وتوجه لغرفته فأدرك قرارها القاسې .. تركته الحمقاء!
أشتعل بروحه شعور الڠضب والنقمة عليها .. لما ضحت به بسهولة لما لم تنتظر وتخاصمه وتمتنع عن محاكاته لكن تظل حوله وكان حتما سيراضيها بطريقة ما..!
أشتدت ضمة قبضته حتى كادت اصابعه تتآذى!! وهتف لنفسه متوعدا
حاضر ياهند.. أنا هعرف إزاي أعاقبك!
_ إزاي يعمل كده المچنون ده .. يطلقك عشان سبب زي ده .. واضح أنه اتمرع وفاكر إن محدش هيقدر عليه وانشغالي مع أمي نساه إني موجود!!
بس أنا هعرف ازاي اربيه!! أنا هروح و...... .
قاطعته بتوسل أبوس إيدك ماتروحش ولا تتدخل بنا أرجوك.. أحنا هنحل أمورنا سوا وأنا لو عصام جه دلوقتي يقولي ارجعي مش هرجع.. أنا تعبانة أوي يا احمد.. تعبانة ومضغوطة ونفسي ارتاح سبني شوية مع نفسي وماتحملش هم ماما أنا خلاص معاها روح لعيالك ومراتك وشغلك وعدي في الوقت اللي يتيسر ليك!! وسيب كل حاجة للأيام.. يمكن اللي حصل بيني وبين عصام خير!
ثم رمقت والدتها بحنان هاتفة مش دي كلمة ماما لينا دايما.. في كل حاجة تحصل كانت تبتسم وتقول لعله خير!
_ طيب والولاد يا هند! هتقدري تبعدي عن ولادك
إجابت بحزن اطمن! عصام مايعرفش يشيل مسؤليتهم لوحده وبعدين خليه يجرب يكون مكاني يمكن وقتها بس يفهم ويقدر اللي كنت بعمله وهو بيستهين بيه!!
أدرك ما ترمي إليه ربما لديها كل الحق زوجها گ رجال كثيرين لا يدركون قيمة ما تصنعه زوجاتهم ويستهينوا بما يفعلون.. ويبخسوا أهمية وقيمة دورهم في كل شيء.. هو اختبار يستحق ذاك الأحمق أن يقوده بمفرده تلك المرة.. فليصمد إن استطاع!!
قاطعت شروده هند
_ بس ايه سبب قرارك المفاجيء إنك تاخد ماما عندك يا احمد كنت دايما تقولي بيتك ضيق وظروفك ماتسمحش تاخدها هناك!!
كيف يخبرها بسبب قراره.. هل يفضح عقوق شقيقتهما الكبرى! وكيف تبعث زوجات ابنائها لينوبوا عنها .. وأنه أكتشف سرقتهما لاغراض والدتهم!
لا .. لن يخبرها عن تقصير فريال أو يهتك سترها أمام شقيقتها الصغرى! نفض عنه الشرود متمتما راجعت نفسي وحسيت إن أمي المفروض تكون مسؤليتي لوحدي يا هند انتي وعصام دايما في مشاكل وادي النتيجة اللي خۏفت منها..! وفريال وزنها تقيل وبردو مش صغيرة عشان تراعي والدتها أنا اللي لازم أشيل أمي ومافرطش فيها.. وانا عند قراري مجرد ما ينصلح حالك مع جوزك وترجعيله هاخد