رواية جواد رابح
تشخص عيني شاردة وأنا أجالسه بإحدي الأماكن العامة نتناول عشائنا، ليغمغم:
لما لا تأكلِ صهباء؟ ألا يروقك الطعام الذي انتقيته لكِ بنفسي؟ (قلت) شهيتي ليست حاضرة، كما أشعر اضطراب معدتي!
تمتم بقلق لمست صدقه: لما لم تخبريني؟ أتؤلمك؟ هيا نغادر، ربما تحتاجي طبيب!
أوقفته: أنتظر راغب، لا يستدعي الأمر زيارة طبيب.
تنهدت بعمق وأنا أطالعه بحيرة قبل أن أحسم أمري قائلة: العلة ليست بمعدتي راغب، بل في روحي، أنا أشعر بالتعاسة.
أزعجه قولي بقدر ما فاجأه مني ليردد باستنكار:
تعاسة؟ أنتِ تعيسة معي صهباء؟!
هززت رأسي بتأكيد: نعم أنا كذلك.
رمقني متجهمًا: هل لي بمعرفة السبب؟
هل لك أنتَ لتخبرني ماذا أكون؟ ماذا حققت جوارك؟
أنا معك ليس إلا ظلًا معتمًا، قطعة ديكور تريد منها تزين بيتك وتكمل بها واجهتك أمام المجتمع، أنت تطفيء شعلة طموحي وتسحق أحلامي وتخنقها.
أثار حفيظته ما قلت مشيرا لصدره: أنا صهباء؟
ترك ملعقته الفضية التي كانت لا تزال بيده دون وعي، وتفحصني صامتًا برهة تمتم بعدها: كنت أظن أننا أنتهينا من مناقشة هذا الأمر؟ أخبرتك سابقًا أني لا أريد لزوجتي أن تعمل! أخاف عليكِ وأغار.. عملك سيعني اختلاط بينك وبين رجال أخرين. وأنا أريدك لي وحدي، أريدك لأطفالي مستقبلا، لا أريد لكِ شقاء.. ألا يُحمد هذا لي؟!
_يُحمد لكَ إن كنت من ذاك الطراز الذي يعشق الراحة والترفيه والحياة الرغدة دون عناء.. لكن هذا لا يناسب شخصيتي النهمة لترك بصمتي الخاصة لمن حولي بهذا العالم.. أنت تكبت طموحي ولا تعترف بموهبتي راغب، أنا مشتعلة بطاقة أحلامي