أنا من اليوم دا وبالتحديد من اللحظة اللي دعيت فيها ربنا أنه يرفع عن عيني الغشاوة وأنا بدأت أفوق لنفسي وأشوف أمجد بصورة تانية غير اللي كنت بشوفه فيها خصوصا لما بقى قاعد معايا ليل نهار وقال إنه عايز يراعيني بنفسه مش عارفة ليه بقيت بحس بنفور ناحيته ومكنتش بحس بالراحة لما يقرب مني ولما قال إنه مسافر وقتها حسيت بالراحة وحمدت ربنا أنه بعده عني علشان كده أنا عايزة أطلق منه وأعيش لنفسي ولابني ولو ربنا كتب لي أني يكون لي نصيب مع حد تاني أكيد هفكر كويس وهختار حد ميلغيش شخصيتي ولا يهمشني ولا يخدر مشاعري بشوية كلام على الفاضي.
جاءت إجابة ضياء على طلبها مختلفة عما توقعته ليان فهي تعلم مبلغ حب والدها له ولكنه بدد مخاوفها بضمھ إياها إلى صدره وربته ظهرها فأحست بالأمان خاصة حين سمعت همس حمده لله ولم تدرك أن والدها كاد يسجد لله شكرا لإزالة الغشاوة عن عينها ورؤيتها حقيقته دون الحاجة إلى معرفتها بما فعله ذلك النذل.
بينما باءت حياة أمجد من سيئ إلى الأسوأ خاصة بعدما تفنن ضياء بإذلاله وأفسد حياته وبدلها من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار فبات بلا عمل وبلا مستقبل وأضحى ظلا لا كيان له كما أجبره على الرحيل قبل ولادة ليان مدعيا سفره إلى الخارج ليفاجأه بتوفيره له فرصة عمل لا يرقى إليه أبدا بإحدى القرى النائية نظير انفصاله الصامت عن ابنته وعدم الزج به إلى السجن.
وكعادته مؤخرا توارى مراقبا إياها بعدما فاق اشتياقه إليها كل حد وتابعها ببصره وهي تسير نحو مقر الشركة وتمنى لو كان يملك من الشجاعة ما يجعله يواجهها ويطلب منها الصفح بعدما أدرك حجم خسارته التي لم يستطع تخطيها لمحته فأوقفت خطواتها ونظرت نحوه للحظات ثم أشاحت بعينها عنه وتابعت سيرها ولكنه حسم أمره واعترض طريقها وكما توقعت فعل وقف أمامها يرجوها باستعطاف فتطلعت إليه بحيرة وكأنها تراه للمرة الأولى فجأة تساءلت أين ذهب شغفها به ولهفة قلبها ونبضاته المتسارعة لرؤيتها إياه وأين تلك الغصة التي علقت بمنتصف حلقها تذيقها المرار منذ افترقت عنه ضيقت منار ما بين حاجبيها وحاولت إيجاد تفسير لما تشعر به من فتور نحوه فأتتها الإجابة واضحة كضوء الشمس تنير بصيرتها وإدراكها وجعلتها ترى بوضوح أنها سجنت نفسها طوال العام المنصرف بين جدران محبتها له ومحاولتها إيجاد الخطأ والعيب بشخصها الذي دفعه للتخلي عنها لټلعن سذاجتها فهي لم تخطأ وقلبها لم يجرم بل أحبت وأخلصت وهو غدر وخان وإن كان على أحد منهما أن يشعر بالذنب فهو من عليه الشعور بخزي الذنب وليس هي.
ومن نافذة مكتبه رآه يظهر من العدم أمامها فانتفضت الغيرة بداخله ودفعته دفعا إلى الخارج بعدما اشټعل قلبه خوفا من عودته بينما حاول أمجد إيجاد كلماته التي رتبها أياما ليخبرها بافتقاده لها ولكنه فشل وتاه بظلمات نفسه لتزيده منار بأسا بإحباطها محاولته وهي تخبره بهدوء ووجه مبتسم
.. _ شكرا بجد أنا مش عارفة أشكرك أزاي على جميلك بظهورك دلوقتي في اللحظة دي بالذات.
لوهلة ارتجف قلبه وظنها تمنحه فرصة الغفران ولكنها بددت ظنه بإضافتها
.. _ عارف أنا لو مكنتش شوفتك دلوقتي كنت هفضل ظالمة نفسي وأنا بدور على الغلط اللي عملته وخلاك تروح لوحدة تانية ياه يا أمجد أنت متعرفش أني بمجرد ما شوفت فهمت أني معملتش إلا حاجة واحدة بس غلط وهي أني حبيتك أيوه تخيل أنك الغلطة الوحيدة اللي غلطتها والحمد لله أنك صلحت غلطتي لما بعدت عني عارف أنا أول ما هطلع المكتب هتوضى وهصلي ركعتين شكر لله أنه خلاني أفوق قبل ما حياتي تضيع مني على الفاضي.
بهتت ملامحه وفغر فمه من صډمته لكلماتها فهو لم يتخيل قط أن تتبدل منار وتصبح بتلك الصورة الرائعة التي يراها عليها فازداد ندمه لخسارته لها وأردف
.. _ أنا عارف أني أذيتك كتير يا منار وعارف أن ماليش الحق أقف قصادك دلوقتي خصوصا بعد موقفي الأخير من عمي شهدي بس والله الفترة اللي فاتت دي خلتني أعرف قيمتك وأعرف أنك النعمة اللي كان لازم أحافظ عليها