عيناكِ. بقلم سارة علي
تتكرر بحياة أيا منهما..ليلة عاشها وكأنها أخر ليلة في عمريهما..احتضن أمير جسدها العاړي بين أحضانه طابعا قبلة طويلة على جبينها متأملا وجنتيها الحمراوتين بشغف خالص هو الأن يشعر أنه ملك هذا العالم ولا أحد أفضل منه بشيء..
في صباح اليوم التالي..دلف أمير الى شقة ربى ليجدها جالسة على الكنبة وحيدة والحزن يسيطر على ملامحها..إقترب منها بخطوات مترددة ثم ألقى التحية عليها بخفوت قبل ان يسألها..فين الموبايل الي كسرته يا ربى...
..مالك يا ربى بتتكلمي كده ليه..
سألها متعجبا من ردة فعلها لتنهض من مكانه وتهتف به بتساؤل..هو امبارح كان ايه يا أمير..
..كان يوم الخميس.
صححت له بتهكم..كانت ليلة جوازنا..
حل الصمت المطبق عليه صمت قطعته هي حينما أكملت بمرارة..جوازنا اللي واضح انوا هينتهي قبل ما يبتدي.
تحدث أخيرا بصوت هادئ رزن..انا اسف يا ربى بس حصلت مشكلة و..
..مع تالا طبعا..!
سألته بنبرة ذات مغزى ليومأ برأسه ويرد بجدية..ايوه مع تالا..
..بتحبها يا أمير..!
فاجئه سؤالها بشدة لكنه قرر الرد بوضوح دون مراوغة هو لن يخدعها او ېكذب عليها..ايوه بحبها..
سألته بعدم تصديق فهو بالفعل قد وقع في حب تلك الفتاة لتجده يأخذ نفسا عميقا قبل أن يرد بحيادية..انت مراتي اللي بعزها وبحترمها...
..بس
لم تجد ردا منه فإقتربت منه تهمس بضعف تمكن منها..أمير أنا بحبك...
رد عليها بصدق..أنا كمان كنت بحبك بس المشاعر بتتغير المشاعر مش بإيدينا انا بحب تالا يا ربى وده مش معناه اني بكرهك انت هتفضلي مراتي اللي بحترمها وليا معاها ذكريات جميلة..
..ربى انا اسف..
هزت رأسها نفيا و الدموع اللاذعة تغطي وجنتيها لتقول بصوتها الباكي..ياريتني ما رجعت ياريتني ما رجعت ولا شفتك ولا اصلا حبيتك..
حاول ان يقترب منها لكنها منعته بإشارة منها وإبتعدت عنه متجهة الى غرفتها..
مدت ربى يدها لها بالهاتف المحطم وقالت..ابقي اديله ده نسي ياخذه من عندي.
تحركت ربى مبتعدة عنها الا أن سؤال تالا المضطرب أوقفها في مكانها..هو أمير كان بيعمل ايه عندك..
إلتفتت نحوها ترمقها بنظرات حاقدة قبل أن تهتف ببرود..بيت مراته هيكون بيعمل ايه عندي مثلا..
..مش فاهمة..
قالتها تالا بعدم إستيعاب لتهتف ربى بقوة وتهكم..انت لسه متعرفيش انا وأمير إتجوزنا.
صډمتها كانت أكبر مما يتصورها أي أحد..احتاجت فترة طويلة كي تستوعب كلام ربى..لم تتصور يوما أن يخذلها أكثر الأشخاص قربا منها وأكثرهم أمانا بالنسبة لها..جلست على الكنبة بوهن وهي تحتضن جسدها بذراعيها وتتذكر كلمات ربى المختصرة قبل أن تغادر..لقد تزوج عليها..كيف إستطاع أن يفعل بها هذا..! كيف خدعها بهذا الشكل.. أخذ جسدها يرتجف بشدة بينما الدموع أخذت طريقها على وجنتيها..ظلت تبكي حالها وسعادتها المفقودة..سعادتها التي يبدو أنها لن تحصل عليها أبدا...ظلت تبكي لأكثر من نصف ساعة نصف ساعة من البكاء المتواصل قبل أن تنهض من مكانها وتقرر الرحيل..لا تعرف كيف استطاعت أن تلملم أغراضها وحاجيتها وتأخذ ملابسها الرثة القديمة وترحل..خرجت من العمارة واخذت تسير بلا وجهة محددة لا تعرف أين تذهب..هي وحيدة لا تعرف أحدا بائسة بدرجة محزنة..جلست على الرصيف وبجانبها حقيبتها تحتضن جسدها بذراعيها وتبكي بصمت...دلف أمير إلى الشقة ليجدها خالية تماما من أي أحد...بحث عن تالا في جميع الغرف لكنه لم يجدها فظن أنها خرجت لقضاء حاجة معينة..زفر نفسه بإحباط وهو يجلس على سريرها في غرفتها ينتظر قدومها حينما رن جرس الباب فإتجه مسرعا لفتحه ظنا منه أنها هي القادمة..فوجئ زياد بكرم أمامه والذي سأله مازحا..مش هتخليني ادخل ولا ايه..!
..اتفضل..
قالها أمير بجدية وهو يفسح المجال لكرم كي يدخل...جلس كرم على الكنبة وأشار إلى أمير قائلا..تعال اقعد هنا عايزك فموضوع مهم..
..موضوع ايه.
سأله أمير بحيرة ليرد كرم عليه بجدية ..ماما.
..لو باعتاك عشان تحنني عليها يبقى متتكلمش من الأساس..
قالها أمير بضيق من إسلوب والدته الممل لكن كرم هز رأسه نفيا وقال بسرعة..لا ابدا انا جيت اقولك انوا ماما مراقبة مراتك لسبب انا معرفوش.
اتسعت
عينا أمير بعدم تصديق قبل أن يستوعب ما قاله كرم ثم سأله بسرعة..انت عرفت ازاي..
أجابه بهدوء..شفت صور كتير لمراتك وهي معاك او خارجة لوحدها بالصدفة فمكتبها..
اشتعلت عينا أمير بنيران الڠضب والتوعد نهض من مكانه وهو يعد نفسه أنه لن يمرر ما حصل مرور الكرام..غادر الشقة غير مباليا بصياح كرم عليه متجها الى منزل عائلته كي يحاسب والدته على تصرفاتها..كانت تالا تجلس على الرصيف تنظر الى المارة بملامح مړتعبة..فوجئت بإحدى السيدات والتي كانت تشتري الخضار من المحل اللي تجلس تالا بجانبه تقترب منها وتسألها بحزن على حالها..انت كويسة يا بنتي.. قاعدة هنا ليه.
أجابتها تالا بصدق..معنديش مكان أروحله..
شعرت السيدة بالشفقة لأجلها وقالت..طب هتفضلي قاعدة كده ولا هتعملي ايه..
أجابتها تالا بنبرة حزينة تائهة..مش عارفة..
اقتربت السيدة منها اكثر وقالت بحنو بالغ..انا مش هينفع أسيبك كده ايه رأيك تجي معايا..
..أجي فين..
سألتها تالا بلهفة لتجيبها السيدة بجدية..تجي مكان شغلي اصل أنا بشتغل خدامة ففيلا كبيرة..
لمعت عينا تالا هي تقول بأمل تولد داخلها..انا كمان كنت بشتغل خدامة..
..بجد.. يعني ممكن تشتغلي معايا..
اومأت تالا برأسها وقالت..اكيد أقدر.
..طب قومي معايا يلا..
جذبتها المرأة من يدها لتتنهد تالا براحة مبدئية فبالرغم من كل شيء قد وجدت هي من يساعدها..جرت حقيبتها خلفها وسارت بجانب السيدة الى المكان المنشود..وصلت الى هناك اخيرا لتجد المكان فيلا راقية للغاية..همست لها السيدة والتي تدعى جنان..استني أعرفك على توليب هانم لازم تشوفك وتوافق تشغلك..
..هي ممكن متوافقش..
سألتها تالا بصوت خائڤ لتقول جنان مطمئنة إياها..متقلقيش مش هترفض ان شاء الله..
سارت الاثنتان سويا حيث توجد السيدة توليب في صالة الجلوس الرئيسية تتناول قهوتها..دلفت جنان تتبعها تالا حيث اقتربت جنان من توليب بينما بقيت تالا جامدة في مكانها تشعر بالخۏف وعدم الراحة...تحدثت جنان بصوتها الجاد..دي تالا يا توليب هانم تحبي تتكلمي معاها قبل ما توافقي تشغليها..
اومأت توليب برأسها وهي تشير الى تالا قائلة..قربي يا تالا..
اقتربت تالا منها بخطوات مترددة ووقفت أمامها لتسألها توليب..عندك كام سنه يا تالا..
أجابتها تالا بجدية..دخلت فالعشرين...
..متجوزة..!
تطلعت تالا الى جنان بتردد قبل ان تعاود النظر الى توليب وتهز رأسها ثم تكمل فجاة..مؤقتا..
..ازاي يعني مؤقتا..!
سعلت تالا قليلا قبل أن تهمس بخفوت..يعني انا هطلب الطلاق..
حل الصمت المطلق للحظات قبل ان تهتف توليب بعملية..بتعرفي تشتغلي مش كده..!
أومأت تالا برأسها وقالت