رواية أولاد فريدة بقلم إيمان فاروق
غير عابئة بنفسها مادام هم بخير.
فرت دمعة حبيسة من مقلتيها فجففت مقلتيها بباطن كفها فور استشعارها تلك الدموع الساخنة التي انسابت رغم عنها وسحبت شهيقها واخرجته عازمة على إنهاء تلك المهزلة وعادت لتتذكر مرة أخرى يومها الماضي .
عودة ليوم مضى.
بعد أن استيقظت من النوم صباحا ومع اذان الفجر لتؤدي فرضها حاضرا جلست لتتمتم ببعض الأدعية والايات القرآنية ثم بدأت في وردها اليومي بالدعاء لامواتها الذين تركوها واحدا يلي الآخر فامها وأبيها وزوجها واخيها الأكبر تركوها وحيده بين أولادها الخمسة وبرغم وجود إناس كثيرون في حياتها إلا أنها تظل وحيدة في عالم أولادها الاغراب عنها الذي انغمس كل واحد منهم في حياته ..أرتفع رنين جوالها ينم عن اتصال مرئي بينها وبين صغيرتها رهف الذي فرض عليها زواجها بالغربة في أحد البلاد العربية التي يعمل بها هو إلا أنها الوحيدة التي تقوم بالتواصل مع امها بشكل دوري وتتقدم هى بالمبادرة بالاتصال دومارفعت جوالها بابتسامة وحركت إشارة القبول وفتح الخط بينهم لتظهر صورة لطفلين جميلين يردد بفرحة ..اغنية العظيمة وردة..
كانت تتمتم معهم بكلمات الأغنية في حبور وسعادة
لتشاركهم الأغنية وتقوم بالرد
ياحبيبي يا حلوين ياحبيبي ياطعمين ويخللكو ماما ويخللكو بابا على طول السنين
لم تكن تغني بصورة سليمة لكلمات
الأغنية ولكنها أحبت أن تشارك احفادها التؤم ريم وكريم وابنتها التي ظهرت توا الى الشاشة الصغيرة التي بين يديها لتقابلها بابتسامة عريضة من قلبها ممزوجه بحنين وعطف وهى تردد حبيبة ماما وحشتيني اوي
وحشتيني اوي يانور عيني .
وانت طيبة ياقلبي وفرحانه بحبيبي دول ..واخبارك انت و نديم جوزك ايه .
اجابتها رهف بكل ود وحنين لصوت امها إحنا تمام الحمد لله ونديم كويس بس انتي عارفه بيخرج من الصبح وبيرجع بعد العشا.
اردفت الام لتعين فتاتها وماله ياحبيبتي ربنا يعينه ويوفقه ..وانتي خلي بالك من نفسك ومن الأولاد.. لازم كل زوجة تكون في عون جوزها يا حبيبتي.
رهف بيأس وملل عارفة يا ماما بس أنا زهقت احنا اغراب وهو مش مخليني انزل أي شغل اسلي بيه نفسي ..الولاد بينزلو المدرسه وأنا بقعد فترات كتير لوحدي وبزهق وبيجيلي اكتئاب من كتر الوحده وهو مبيحبش الإختلاط بحد ومبيخلنيش أعمل صدقات مع حد لما خلاص جبت أخري ومبقتش قادرة.
تنهدت رهف زافرة واردفت بتأفف أنا عارفة ياست ماما انتي بتدفعي عنه ليه !..انا الي بنتك على فكرة.. وهو بيحبني صحيح بس متملك فالحب ده.
ابتسمت فريدة على معاتبة ابنتها لها فكيف يخيل لها مثل هذا هل توجد ام على وجه الأرض تفضل أحدا على أولادها ولكنها تحاول ان تهداء بينها وبين زوجها لتعينها على حياتها فهى تري نديم زوج ابنتها انسان مكافح يصون ابنتها ويحبها ولكن هو كثائر البشر به مميزات وبه عيوب ولكن عيوبه تتداوي طالما لم يتجاوز فيها فمن حقه أن يغار على زوجته وېخاف عليها فاردفت لها
حركت رأسها بإيماءة بسيطة متفهمه بعد أن اقتنعت بكلام أمها فهى الوحيدة التي تستمع لها وبفضلها تستمر حياتها مع هذا الزوج المتملك الغيور فتردف لأمها بامتنان
_ياحبيبتي يا ماما مش عارفه من غيرك كنت عملت ايه.. أنتي اللي بتهوني عليا العيشه دي.
تقابلها أمها بعين دامعة متحرمش منك أبدا يابنتي أنتي وأخواتك يارب.
عقدت رهف بين حاجبيها واردفت صحيح ياماما اومال أخواتي فين مش شايفه حد جامبك والا لسه مصحيوش.
أغمضت عينيها وحاولت ان تواري ما بداخلها من حزن فهى كانت عاقده مع اخواتها اتفاق بالا يتركا امهم بمفردها وأن يتناوب الجميع في انتظام لمراعتها وقد استمر هذا الأمر بينهم ولكن ليس بكثير فقد اخذتهم الدنيا بعيدا واصبحوا يتباعدون يعتمدون على مهاتفتها فقد للاطمئنان عليها بعدما كانوا يتسابقون في القدوم إليها بشكل دوري بينهم وإلى أن اصبحوا يتعللون لها بالظروف فاردفت مطمئنة لها أخواتك بخير يا حبيبتي.. بس هما فبيوتهم هيجو اليوم .. هما متفقين معايا أنهم هيجوا على الغداء.. وسامر انتي عارفة مبيصحاش دلوقت لسه فاضله ساعتين على ميعاد شغله.
حركت رهف رأسها يائسة من تصرفات أخواتها فهى تيقنت أنهم لم يوفوا باتفاقهم معها ولن يعملوا به فحزنت من أجل أمها وتمنت لو إنها مازلت بجانبها ولم تجبرها الظروف بمرافقة زوجها إلى هذه الدولة التي تبعد آلاف الأميال عن حضڼ أمها.
اصابتها حالة من التيه والتخبط في أفكارها وعزمت على محادثة زوجها بعد قدومه من الدوام في أمر عودتها ولو لفترة حتي تستعيد نفسيتها المحطمة من هذه الغربة واردفت بعد محاولتها الثبات امام أمها تمام ياست الكل واكيد الوليمة فيها محشي بجميع الأصناف.
قابلتها الأم بضحكاتها التي تزيدها إشراقة أمام ابنتها وهي تتذكر محبة كل واحد منهم لنوع محدد وحرصت هى على أن تصنعه لها فاردفت طبعا لازم محشي الكرنب لكيمو والبتنجان لرأفت وورق العنب لسامر والكوسة والفلفل لاختك ابتهال ثم أكملت بأسف يا ريتك هنا أنتي كمان كنتي شاركتي سامر في ورق
العنب أنا عارفة انك بتحبيه.
اردفت بعد أن أستشعرت حزن أمها تسلم ايدك يا امي واكملت متنهدة هانت ياقلبي الأجازة قربت وهنزل على طول وابقي اعمليلي كل الأصناف الى بحبها من إيدك وهكون معاكي وساعدك كمان.
اجابتها الام بكل حبور لا تعالي انتي وملكيش دعوه انا بخلي ام سعد جارتنا تشتريلي الي عيزاه كله متوضب وجاهز على الحشو والست مبتتأخرش وبتبعتلي مرات أبنها سعد بالطلبات وبتسعدني وانا برضيهم زي مانتي عارفه.
واكملت مستطردة
_وكمان هيام ومرات عمك بيسعدوني.
ظلت تتجاذب الحديث مع أبنتها تبثها الحنان من خلال شاشة الجوال وقلبها يتشوق لملامسة كل انش في وجه فتاتها فهى الوحيدة التي تشعرها بأمومتها برغم أنها تقطن عن بعد في دولة غريبه تواصلت معها لأكثر من ساعة ليستيقظ شاب متوسط الطول وسيم الى حد كبير يرتدي ملابس بيتية وشعره مشعس لياتي خلفها ويظهر معها في الكادر الخاص بشاشة الجهاز ويبدأ في مداعبة أخته التي تكبره بعامين فقط فيحدثها وهو يلاعبها بعينيه ويشير لها براحة يديه روفي الجميلة عامله إيه وحشتيني.
تقابله الأخري بمداعبته بتحريك عينيها وغمزة مماثلة له سمور عامل ايه راجل .. إيه الي صحاك كنت لسه هقطع ففروتك مع ماما.
سامر وهو يلوح بيديه يااا ساتر مش هتسبوني في حالي انتي والست الوالده .. أنا بقولك عامله ايه يارخمة ..تقوليلي هقطع ففروتك..طب خسارة فيكي السؤال.
تلكزه أمه بكوعها بخفة وتردف له بغيظ طفيف اختك عايزه