متي تكون زيارة المتوفي ومتي يشعر الميت بالزيارة
«هل يشعر الميت بمن يزوره ومن يسلم عليه؟» بما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَا مِنْ رَجُلٍ يَمُرُّ بِقَبْرِ رَجُلٍ كَانَ يَعْرِفُهُ فِي الدُّنْيَا، فَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ، إِلَّا عَرَفَهُ وَرَدَّ عَلَيْهِ» أخرجه تمام في "فوائده"، والبيهقي في "شعب الإيمان"، والخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد".
وأشار إلى أنه صح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أنه أمر بقتلى بدر، فأُلقوا في قَلِيب، ثم جاء حتى وقف عليهم وناداهم بأسمائهم:
«يَا فُلانُ بْنَ فُلانٍ، وَيَا فُلانُ بْنَ فُلانٍ، هَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا؟ فَإنَّي وَجَدت ما وعدني ربي حقًّا»، فقال له عمر رضى الله عنه: يا رسول الله، ما تخاطب من أقوام قد جيفوا؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم:
«والَّذِي بَعَثَنِي بِالحَقِّ مَا أَنتُمْ بِأَسْمَع لِمَا أَقُولُ مِنهُم، وَلَكِنَّهُم لَا يَستَطِيعُونَ جَوابًا» أخرجه البخاري ومسلم في "صحيحيهما" بألفاظ مختلفة.
وأكد أنه يستحب للمسلم زيارة القبور والسلام على أهلها، والميت يعرف المسلِّم عليه ويرد عليه السلام كما ذكرنا؛ قال الإمام النووي في "المجموع شرح المهذب" (5/ 310، ط. دار الفكر): [قال أصحابنا رحمهم الله: ويستحب للزائر أن يدنو من قبر المزور بقدر ما كان يدنو من صاحبه لو كان حيًّا وزاره].
ونقل قول الإمام ابن القيِّم في "الروح" (ص: 5):
[وقد شرع النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأمته إذا سلموا على أهل القبور أن يسلموا عليهم سلام من يخاطبونه، فيقول: (السلام عليكم دار قوم مؤمنين)، وهذا خطاب لمن يسمع ويعقل، ولولا ذلك لكان هذا الخطاب بمنزلة خطاب المعدوم والجماد، والسلف مجمعون على هذا، وقد تواترت الآثار عنهم بأن الميت يعرف زيارة الحي له ويستبشر به].
وعرض قول المناوي في "فيض القدير" (5/ 287): [وقال الحافظ العراقي: المعرفة ورد السلام فرع الحياة ورد الروح، ولا مانع من خلق هذا الإدراك برد الروح في بعض جسده، وإن لم يكن ذلك في جميعه.
وقال بعض الأعاظم: تعلق النفس بالبدن تعلق يشبه العشق الشديد، والحب اللازم، فإذا فارقت النفس البدن فذلك العشق لا يزول إلا بعد حين، فتصير تلك النفس شديدة الميل لذلك البدن؛ ولهذا ينهى عن كسر عظمه ووطء قبره].
وأوضح أن المoت ليس معناه فناء الإنسان